/ الفَائِدَةُ : (33) /
17/04/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / مبنى الشَّيخ الطوسيّ في الاِعتقاد بدرجة الظَّنِّ / للشَّيخ الطوسيّ مبنىً في علم الكلام يُخالِف فيه المُتكلِّمين ، حاصله : أَنَّ المُكَلَّف إِذا بنىٰ اِعتقاده بالحقِّ وبالحقائق علىٰ الظَّنِّ نَجَا وإِنْ كان مُقَصِّراً في وظيفة تحصيل اليقين بالِاعتقادات الحقَّة ـ أَي : الْاِرْتِقَاء بإِيمانه واِعتقاده إِلى مرتبة اليقين ـ ، فالَّذي يؤمن بالحقائق والمعارف الِاعتقاديَّة من خلال الظَّنّ والأُمور غير المعتبرة شرعاً ـ كالتَّقليد ـ فقد أَصاب المطلوب والغاية ونجا ؛ لتحقُّق درجة من الْعِلْمِ والإِيمان لديه ؛ وإِنْ أَخطأ في طريق الِاستِدلال . نعم يجب عليه تكليفاً أَنْ يَبْلُغَ بِعِلْمِهِ وإِيمانه ومُعتقداته درجة القطع واليقين ؛ لأَنَّه باليقين تتمّ حراسة الإِيمان ، وهي الوظيفة الأَوَّليَّة لجملة المُكلَّفين . توضيح ذلك : إِنَّه وقع خلاف في صِحَّة الإِيمان والِاعتقاد بالأُصول الِاعتقاديَّة ؛ فذهب مشهور المُتَكَلِّمين إِلى وجوب تحصيل اليقين في الأُصول الِاعتقاديَّة ؛ فصحَّة الِاعتقاد بها منحصِرة باليقين . وذهب الشَّيخ الطوسي وجماعة إِلى وجوب تحصيل اليقين في الأُصول الِاعتقاديَّة أَيضاً ، لكن صحَّة الِاعتقاد بها لا تنحصر بالیقین ، فلو اِعتقد المُكلَّف بالأُصول الِاعتقاديَّة الحقَّة بدرجة الظَّنِّ أَو الرَّجَاء صحَّ اِعتقاده وإِنْ قصَّر وأُثِمَ في طريق الِاستِدلال والتَّوصُّل إِليها . نعم كُلَّمَا اِزْدَادَت معرفته اِزْدَادَ ثوابه وكماله . وكذا وقع خلاف آخَر في تفاصيل الِاعتقادات ؛ فهل يصحُّ التَّعَبُّد بها بالظُّنون المُعتبرة شرعاً أَوْ لَا؟ ذهب مشهور المُتكلِّمين والشَّيخ الأَنصاري والاخوند إِلى الثاني ؛ وأَنَّ صحَّة الِاعتقاد ـ وإِنْ كانت بالتَّفاصيل الِاعتقاديَّة ـ متوقِّفَة علىٰ تحصيل اليقين كالأُصول الِاعتقاديَّة ، ولا يكفي التَّعَبُّد بالِاحتمال والظَّنِّ وإِنْ كان معتبراً شرعاً . وذهب الشَّيخ الطوسيّ والخواجة نصير الدِّين الطوسيّ والبهائي والميرداماد والمجلسيَّان والميرزا القُمِّيّ والعراقيّ والكمبانيّ والسيِّد الخوئي وغيرهم من الأُصوليِّين إِلى الأَوَّل ؛ وأَنَّه مع عدم قدرة المُكلَّف علىٰ تحصيل اليقين في تفاصيل العقائد يكفي الِاعتقاد بالظَّنِّ ، بل يلزم عليه الأَخذ بالظّنون إِنْ كانت معتبرة شرعاً ، فما قُرِّرَ في تفاصيل أَحْكَام الفروع يُقَرَّر بعينه في تفاصيل الِاعتقادات ؛ فليس للمُكَلَّف رَدّ اذعانه وتسليمه الظَّنِّي بفضيلةٍ كفضيلة ليلة القدر ـ مثلاً ـ وحقيقتها الكونيَّة الغيبيَّة بعدما رویت له بطریقٍ مُعتبرٍ شرعاً. وصلى الله على محمد واله الاطهار